كيف يطعم العمل العالم

المصدر�: youtube.com

هذا المقطع من فيلم تسجيلي من 2005 بعنوان “نحن نطعم العالم”. في المقطع (الذي ترجمته عين العقل للعربية) يتحدث المدير التنفيذي لشركة نستله جروب السويسرية عن رؤيته عن اكثر من موضوع متعلق بالطعام، والزراعة، والمياه، ودور الشركات الكبرى الاجتماعي والاقتصادي.
يتطرق المتحدث هنا الي الكثير من المواضيع التي تراها “عين العقل” في غاية الاهمية وتتصل بشكل مباشر مع الكثير من المشاكل التي تواجهنا في مصر. فسنحاول ان تتناول هذه الموضوعات في مقالات مستقبلية بشكل اكثر تفصيلا ومناسبة لواقعنا المصري.
ندعوك عزيزي القارئ ان تشاهد المقطع وتحاول ان تسأل نفسك بعض الاسئلة وتفكر بعقل مفتوح عما يحاول مدير شركة نسلة ان يوصله للمستمع .. فالرجل يعطي وجهة نظر مختلفة عما هو شائع في الكثير من بقاع العالم وخاصة مصر. مثلا الشعور العام ان الانسانية تنحدر من سيء الي اسوأ وان الثروة تتركز في يد قلة من الاغنياء بينما يواجه بقية المجتمع مصيرا بائسا، هناك اقتناع متأصل في أوساط المثقفين المصريين ان الشركات الكبرى “تستغل” العمال و “تمص” دمائهم .. هناك شبه يقين ان الطبقة الوسطي تتقلص، ويسقط معظم افرادها في براثن الفقر، بينما يستفيد الاغنياء فقط من منجزات العصر في كل المجالات من الترفيه الي الصحة الي التعليم

نحن نتفق مع مدير شركة نستلة ان كل هذه الانطباعات مغلوطه بشكل كبير جدا. فالحقائق تشير إلي عكس ذلك تماما. كما يقول الرجل في اللقاء “ليس هناك اي سبب علي الاطلاق الا نكون متفائلين بالمستقبل .. لم تكن الامور تسير علي ما يرام ابدا كالوقت الحاضر.. لم نمتلك ابدا هذا القدر من الثروة في اي وقت من التاريخ .. لم تصل مستويات صحة البشر ابدا الي المستوي الحالي .. لم يكن متوسط عمر البشر علي ما هو عليه الان في اي زمن مضي .. نحن نملك كل شئ نريده”
هذا ليس كلاما مرسلا .. هذا من واقع البيانات (كما سنوضح في سلسلة من المقالات التالية) .. والأهم من البيانات هذا كلام يتفق مع الواقع الذي نعيشه، الواقع الذي نعيشه اذا لم نسقط في الاوهام الاشتراكية اليسارية عن الرأسمالية الطاحنة، الواقع الذي يشير ان البشر (بكل المستويات الاجتماعية) يعيشون الان سنينا اطول بكثير عن اي وقت مضي، الواقع الذي يوضح ان المنتجات الاستهلاكية التي كانت دوما حكرا علي الطبقات العليا اصبحت تجد طريقها لكل طبقات المجتمع في غضون سنوات قليلة (فكر في التليفزيون وكم من السنين كان علامة علي ثراء الحال، ثم فكر في التليفون المحمول وكم من الوقت مضي قبل ان يكون في يد كل الناس)، الواقع الذي يقول ان كل الناس يفضلون العمل لدي شركات كبري عن العمل في القطاع العام او في الحكومة (هل يتفق هذا مع صورة الشركات الكبرى والرأسمالية الطاحنة؟)
لليسار اوهام ثابتة عن مسيرة التطور منذ بداية عصر التصنيع، اوهام تحاول تصوير التطور البشري الهائل الذي حدث منذ انطلاق الثورة الصناعية كمجرد عملية منظمة لكي تستغل طبقة طبقات المجتمع الأخرى، هذه الاوهام تناقض الواقع الذي يثبت في كل مرة ان التطور البشري يجد طريقه لكل الناس في كل بقاع الارض، ويجعل حياتهم اكثر سهولة وأمنا وثراءاه. في القلب من كل هذه الاوهام هو الايمان اليساري المتأصل ان لكل البشر استحقاقات علي المجتمع ان يوفرها لكل افراده، وان هذه الاستحقاقات يجب ان تزيد بزيادة ثروات الاوفر حظا في المجتمع. تتضمن هذه الاستحقاقات سلسلة طويلة من المزايا، بداية من الاحتياجات الاساسية (اكل ومياه وملبس وعلاج)، مرورا بتوفير فرص عمل، وصولا الي توفير طاقة رخيصة وتعليم مجاني الي اخره من استحقاقات لا تنتهي
نحن علي النقيض من هذا نعتقد انه لا استحقاقات للبشر، هناك حقوق طبيعية لصيقة بالبشر (وهي حقوق تتعلق بحريتهم الشخصية وملكيتهم الفردية لا اكثر) والمجتمع يوفر هذه الحقوق عن طريق تطبيق القانون، اي مزايا اخري يريد الفرد الحصول عليها يتعين عليه ان يعمل من اجلها. نحن نؤمن انه توفير فرصة عمل ليس استحقاقا للإنسان، بل هو غاية عليها ان يبلغها بجهده هو.