من نحن

نحن مجموعة من الشباب المصري تشكلت خلال عام 2012. نسعى لمناقشة القضايا المصرية المعاصرة بأسلوب يرتكز على المنهج العلمي، و يعتمد على التفكير الحر. نؤمن بأن الكثير من المشكلات التي تعاني منها مصر تعود أساساً لنهج التفكير والخطاب العام السائد، حيث كشفت الأحداث التي عاشتها مصر خلال الأعوام الماضية (٢٠١١-٢٠١٤) عن غلبة نظرية المؤامرة، وشيوع نمط من التفكير يجافي المنهج العلمي، فضلاً عن غياب الإلمام بالواقع المعاش في صورته الحقيقية وليست المتخيلة.

تنطلق مجموعتنا، التي تضم شباباً مصرياً في مختلف التخصصات، من أرضية محاولة فهم الواقع كما هو. نرى أن الحقائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية تستلزم حداً أدنى من التخصص والفهم للإلمام بها. نؤمن بأن غياب هذا الفهم المتخصص، أدى إلى شيوع الكثير من الأوهام حول الواقع، وقاد إلى نتائج عقدت مسار التطور السياسي والاقتصادي في مصر.

فضلاً عن ذلك، نرى أن فقر الخطاب العام في مصر كشف عن غياب الإلمام بالفلسفات السياسية والنظريات الاجتماعية والاقتصادية لدى النخبة الثقافية والسياسية التي عجزت عن بث خطاب تنويري/ ليبرالي، وساندت المرة تلو الأخرى خيارات سياسية كان من شأنها تعميق الأزمة السياسية والمجتمعية. لقد قادت رموز النخبة الجمهور نحو معارك وهمية، وفشلت في تحديد الأولويات اللازمة لانتقال آمن نحو حياة ديمقراطية، وأشاعت حالة من التخوين أدت في النهاية إلى فوز التيار الديني بجميع الاستحقاقات الانتخابية منذ مارس 2011، وإلى وصول المسار السياسي والوضع الاقتصادي في مصر إلى حافة هاوية حقيقية، تقترب معها من أن تكون “دولة فاشلة”.

من هنا، تسعى مجموعتنا إلى خلق مناقشة جادة وعلمية حول الفلسفات والنظريات الرئيسية في الفكر السياسي والاقتصادي، مع اهتمام خاص وتركيز متعمد على الفكر الليبرالي، الذي نراه غائباً عن الساحة السياسية والفكرية في مصر. ومن هذا المنطلق، تؤمن مجموعتنا بما يلي:

  1. الليبرالية فلسفة سياسية واجتماعية متكاملة تأخذ من الفرد وحرياته الأساسية وحقوقه الطبيعية في الحياة والملكية منطلقاً لها. وتستند الليبرالية في الأساس إلى استقرار “حكم القانون”، ومبدأ الفصل بين السلطات. كما ترى الليبرالية أن الإنسان يتمتع بحقوق وهبها الخالق، ولا سبيل إلى نزعها عنه، وأنه قادر – في مناخ من الحرية- على تحديد مصالحه الخاصة وتحقيق ذاته اعتماداً على مواهبه وقدراته.
  2. تقوم الحكومة، في إطار الفكر الليبرالي، بأدوار محددة لا تتجاوزها تتمثل في الحفاظ على الأمن والنظام العام، وصيانة القانون وحماية الملكية الفردية، والقيام بالمشروعات والخدمات التي لا يستطيع الأفراد الإضطلاع بها بمفردهم. إن الحكومات ضرورة لازمة لحياة المجتمعات، ولكن الليبرالية لا تقبل الفكرة القائلة بأن الحكومات هي الأقدر على تحديد مصالح الفرد ورعايتها. وهي ترى دور الدولة لا غنى عنه وتسعى لتدعيمه، فقط في الحدود المرسومة له وبحيث لا يتجاوز هذه الحدود بأي حال.
  3. تمثل فكرة العلمانية (فصل الدين عن الدولة)، جزءا لا يتجزأ من الفلسفة الليبرالية. ولا يمكن أن تنتعش الليبرالية – سياسة أو اقتصاداً- إلا في مجتمع يتخذ من العلمانية منهجاً، ويرسم حدوداً فاصلة تمنع خلط الممارسة السياسية بالعقيدة الدينية. إن تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، وكذا تاريخ الشرق الأوسط الحديث والمعاصر لهما أبلغ أدلة على النتائج الكارثية التي يتسبب فيها مثل هذاالخلط.
  4. الليبرالية ترفض بوضوح كل الحكم والفكر الشمولي، القائم على احتكار الحقيقة السياسية أو الدينية. وبرغم أن الإسلام السياسي هو فكرة شمولية، فهو ليس الفكرة الشمولية الوحيده في مصر التي كانت أرضاً خصباً للشمولية في تجلياتها المختلفة – فكراً وممارسة- خلال القرن العشرين. ومن المهم النظر للإسلام السياسي باعتباره ظاهرة سياسية لها أبعاد اجتماعية وثقافية، وتستلزم مواجهتها فهماً حقيقياً لهذه الأبعاد، وعملاً جاداً – ما زال مفتقداً- على المستويين الفكري والسياسي على حد سواء. وهي تستلزم أولاً وأخيراً الانطلاق من الواقع المصري – السياسي والاجتماعي- بكل تناقضاته، وليس القفز عليه جرياً وراء سراب الأيدلوجيا أو أوهام اليوتوبيا.
  5. الفكر الليبرالي – بحكم طبيعته- ينزع إلى الإصلاح التدريجي للأوضاع القائمة، ويتحسب كثيراً من التكلفة الاجتماعية والاقتصادية الهائلة للإنقلابات والثورات السياسية.
  6. الاقتصاد الحر هو جزء لا يتجزء من الفكر الليبرالي، ومقصد بديهي له، ولايمانه التام بقدرة الفرد علي تحديد مصالحه والعمل على تحقيقها. ولا يستقيم الاقتصاد الحر إلا عن طريق إطلاق حرية الملكية وحرية العمل وحرية التجارة لكل الافراد. وانه مع حرية التعبير، والتمثيل الديموقراطي فإن الاقتصاد الحر قادر على توجيه الموارد إلى أفضل استخداماتها، وتصحيح أي مظاهر فساد أو احتكار نابعه في الاصل من طبائع البشر.

اخيرا وانه وإن كان لليبرالية تاريخ طويل في مصر إلا أن الفكر الليبرالي غائب عن النخبة والمجتمع برغم أن الكثيرين يدعون الحديث باسمه ويرفعون لواءه. نعتقد أن السبب في هذا يعود لارتباط عملية التحديث بالدولة على مدار قرنين من الزمان، الأمر الذي جعل الخطاب الليبرالي موجهاً لصانع القرار السياسي على حساب المجتمع، ومن ثم فقد أحد أهم مقومات الليبرالية وهي أولوية الفرد على ما سواه من التشكيلات السياسية والاجتماعية الأخرى.  إن الليبرالية، في أبعادها السياسية والاقتصادية والفكرية، تمثل نقطة اتفاق وأرضية مشتركة أساسية لأعضاء المجموعة